ليس
أضرَّ على المسلمين من أهل البدع
ابن تيمية، ابن القيم، المقدسي، ابن الجوزي،
الشاطبي، ابن
عبد الوهاب، الشوكاني
.◘ لأنهم شر من
أهل المعاصي الشهوانية
قال شيخ الإسلام في مناظرةٍ له مع أهل البدع:
«والزنا معصية، والبدعة شر من المعصية؛ كما قال سفيان الثوري: «البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يُتاب منها، والبدعة
لا يُتاب منها».
وكان قد (قال) بعضهم: نحن نتوب الناس.
(فقلت) مماذا تتوبنهم ؟
(قال) من قطع الطريق والسرقة ونحو ذلك.
(فقلت) حالهم قبل تتويبكم خير من حالهم بعد تتويبكم؛ فإنهم كانوا
فساقا يعتقدون تحريم ما هم عليه ويرجون رحمة الله ويتوبون إليه أو ينوون التوبة، فجعلتموهم
بتتويبكم ضالين. مشركين خارجين عن شريعة الإسلام، يحبون ما يبغضه الله ويبغضون ما يحبه
الله، ونثبت أن هذه الشريعة التي هم وغيرهم عليها شر من المعاصي.
(قلت) مخاطباً للأمير والحاضرين:
أما المعاصي فمثل ما روى البخاري في صحيحه عن عمر ابن الخطاب أن
رجلاً كان يدعى حماراً وكان يشرب الخمر وكان يُضحك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
وكان كلما أتي به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جلده الحد، فلعنه رجل مرة وقال: لعنه
الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؟ فقال النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم: «لا
تلعنه فإنه يحب الله ورسوله»
(قلت): فهذا رجل كثير الشرب للخمر ومع هذا فلما كان صحيح الاعتقاد
يحب الله ورسوله؛ شهد له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك ونهى عن لعنته.
[قلت: ومثله ما رواه مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَإِنِّي أَصَبْتُ
مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا [معناه استمتعت بها
بالقبلة والمعانقة وغيرهما من جميع أنواع الاستمتاع إلا الجماع] فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ بمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:
لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ قَالَ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَأَتْبَعَهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا دَعَاهُ وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿وَأَقِمِ
الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ يَا
نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً قَالَ بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً.]
وأما المبتدع فمثل ما أخرجا في الصحيحين عن علي بن أبي طالب وعن
أبي سعيد الخدري وغيرهما - دخل حديث بعضهم في بعض - أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
كان يقسم فجاءه رجل ناتئ الجبين كث اللحية محلوق الرأس بين عينيه أثر السجود وقال ما
قال، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم
وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم
من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» وفي رواية: «لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد لنكلوا عن العمل» وفي رواية «شر قتلى تحت أديم السماء خير
قتلى من قتلوه»
(قلت): فهؤلاء مع كثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم وما هم عليه من
العبادة والزهادة أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بقتلهم، وقتلهم علي بن أبي طالب
ومن معه من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وذلك لخروجهم عن سنة النبي وشريعته.
وأظن أني ذكرت قول الشافعي: «لأن يبتلى العبد بكل ذنب ما خلا
الشرك بالله خير من أن يبتلى من هذه الأهواء»، فلما ظهر قبح البدع في الإسلام وإنها
أظلم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنهم مبتدعون بدعاً منكرة فيكون حالهم أسوأ من حال
الزاني والسارق وشارب الخمر». [«مجموعة الرسائل والمسائل
» (1/ 143)]
وقال -رحمه الله- :
«إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع».
[مجموع الفتاوى (20/ 103)]
وقال ابن القيم -رحمه الله –: «واشتد نكير السلف والأئمة
لها –أي للبدعة- وصاحوا بأهلها من أقطار الأرض وحذَّروا فتنتهم أشد التحذير،
وبالغوا في ذلك ما لم يبالغوا مثله في إنكار الفواحش، والظلم، والعدوان، إذ مضرة
البدع، وهدمها للدين ومنافاتها له أشد». [مدارج السالكين (1/372)].
وقال عبد الغني المقدسي في عقيدته ص121 : «واعلم - رحمك الله - أن
الإسلام وأهله أتوا من طوائف ثلاث:
فطائفة ردت أحاديث
الصفات وكذبوا رواتها، فهؤلاء
أشد ضررا على الإسلام وأهله
من الكفار.
وأخرى قالوا بصحتها وقبولها، ثم تأولوها ، فهؤلاء
أعظم ضررا من الطائفة الأولى.
والثالثة : جانبوا
القولين الأولين، وأخذوا
بزعمهم ينزهون وهم يكذبون،
فأداهم ذلك إلى القولين الأولين، وكانوا
أعظم ضررا من الطائفتين الأولتين
».
وقال شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد
الوهاب:
«باب
ما جاء أن البدعة أشد من الكبائر
لقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾. وقوله: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى
عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
وقوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ
كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ
عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾.
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال
في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم».
وفيه أنه نهى عن قتل أمراء الجور ما صلوا.
ثم قال : باب ما جاء أن الله احتجز
التوبة على صاحب البدعة
هذا مروي من حديث أنس ومن مراسيل الحسن. وذكر ابن وضاح عن أيوب قال: كان عندنا رجل يرى رأيا فتركه، فأتيت محمد بن سيرين فقلت أشعرت أن فلانا ترك رأيه؟ قال: انظر إلى ماذا يتحول؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من أوله: "يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه ". وسئل أحمد بن حنبل عن معنى ذلك فقال: لا يوفق للتوبة.» [فضل الإسلام (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ مجمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول) ص 215]
.◘ ولأنهم –
أيضاً - شر من الولاة الظلمة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
«والمبتدع الذي يظن أنه على حق كالخوارج والنواصب الذي نصبوا
العداوة والحرب لجماعة المسلمين فأبدعوا بدعة وكفروا من لم يوافقهم عليها فصار
بذلك ضررهم على المسلمين أعظم من ضرر الظلمة الذين يعلمون أن الظلم محرم وإن كانت
عقوبة أحدهم في الآخرة لأجل التأويل قد تكون أخف لكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم
بقتالهم ونهى عن قتال الأمراء الظلمة، وتواترت عنه بذلك الأحاديث الصحيحة». [منهاج
السنة (5/150)]
.◘ وهم كذلك شرٌ
من اليهود والنصارى
ومن هذا قول الفضيل بن عياض: «لأن آكل عند اليهودي والنصراني أحب إليّ من أن آكل عند صاحب بدعة، فإني إذا أكلت عندهما لا يقتدى بي، وإذا أكلت عند صاحب بدعة اقتدى بي الناس، أحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد». [الحلية لأبو نعيم ( 8 / 103 )].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
«وفساد اليهود والنصارى ظاهر لعامة المسلمين، أما أهل
البدع؛ فإنه لا يظهر فسادهم لكل شخص». [مجموع
الفتاوى (28/232)]
وقال أيضاً: «إن كثيراً من أهل البدع منافقون النفاق الأكبر».
[(طريق الوصول) (ص251)]
وقال في سياق رده على غلاة الصوفية: «فهذه المقالات وأمثالها،
من أعظم الباطل، وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها، وأنه باطل، والواجب
إنكارها، فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين، أولى من إنكار دين
اليهود والنصارى، الذي لا يضل به المسلمون». [مجموع
الفتاوى (2/359)]
وهذا الإمام أحمد يرى أنه يستعان باليهود والنصارى، ولا يستعان
بالجهمية، قال المروزي للإمام أحمد: أيستعان باليهود والنصارى وهم مشركون، ولا
يستعان بالجهمي؟ قال: يا بني، يغتر بهم المسلمون». [الآداب
الشرعية لابن مفلح (1/256)]
وقال أبو علي الحسين بن أحمد البجلي:
«دخلت
على أحمد بن حنبل ، فجاءه رسول الخليفة يسأله عن الاستعانة بأهل الأهواء ، فقال
أحمد : لا يستعان بهم ،
قال: فيستعان باليهود والنصارى ولا يستعان بهم؟
قال: إن النصارى واليهود لا يدعون إلى أديانهم،
وأصحاب الأهواء داعية». [الآداب الشرعية لابن مفلح
الحنبلي (1/275)].
قال ابن مفلح: «ويحرم بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين؛
لأن فيه أعظم الضرر ولأنهم دعاة، واليهود والنصارى لا يدعون إلى أديانهم. نص على
ذلك، وعنه في اليهود والنصارى: لا يغتر بهم، فلا بأس فيما لا يسلطون فيه على
المسلمين حتى يكونوا تحت أيديهم، قد استعان بهم السلف». [الفروع (10/248)]
وقال الشوكاني – رحمه الله –:
«وقد
تكون مفسدة إتباع أهوية المبتدعة أشد على هذه الملة من مفسدة إتباع أهوية أهل
الملل، فإن المبتدعة ينتمون إلى الإسلام، ويظهرون للناس أنهم ينصرون الدين ويتبعون
أحسنه، وهم على العكس من ذلك والضد لما هنالك فلا يزالون ينقلون من يميل إلى
أهويتهم من بدعة إلى بدعة ويدفعونه من شنعة إلى شنعة، حتى يسلخوه من الدين
ويخرجونه منه، وهو يظن أنه منه في الصميم، وأن الصراط الذي هو عليه هو الصراط المستقيم».
[فتح القدير (1/169)]
.◘ ولأنهم –
أيضاً – يفسدون الدين أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب
قال ابن تيمية: «ولولا من يقيمه اللّه لدفع ضرر هؤلاء –يعني
أهل البدع- لفسد الدين،
وكان فساده أعظم من فساد استيلاء
العدو من أهل الحرب –يعني الكافرين-، فإن هؤلاء إذا استولوا، لم يفسدوا
القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء».
[الفتاوى (28/232(].
وقال رحمه الله: «وقد اتفق أهل العلم بالأحوال أن أعظم السيوف
التي سلت على أهل القبلة ممن ينتسب إليها –أي الروافض- ، وأعظم الفساد الذي جرى
على المسلمين ممن ينتسب إلى أهل القبلة إنما هو من الطوائف المنتسبة إليهم فهم أشد
ضررًا على الدين وأهله». [الفتاوى: (28/479)]
قال أبو الفرج ابن الجوزي: «قال أبو الوفا علي بن عقيل الفقيه،
قال شيخنا أبو الفضل الهمداني : ( مبتدعة الإسلام والواضعون للأحاديث أشدّ من
الملحدين، لأنَّ الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من
داخل، فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله، والملحدون كالحاضرين من خارج، فالدخلاء
يفتحون الحصن، فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له) ». [الموضوعات: ( 1/51)]
.◘ وبالجملة هم
أسباب فساد العالم
قال ابن القيم في تقرير هذا:
«إذا تأمل المتأمل فساد العالم، وما وقع فيه من التفرق والاختلاف،
وما دفع إليه أهل الإسلام وجده ناشئاً من جهة التأويلات المختلفة المستعملة في آيات
القرآن وأخبار الرسول، التي تعلق بها المختلفون -يعني أهل البدع- على اختلاف أصنافهم،
في أصول الدين وفروعه، فإنها أوجبت ما أوجبت من التباين والتحارب وتفرق الكلمة، وتشتت
الأهواء وتصدع الشمل وانقطاع الحبل وفساد ذات البين، حتى صار يكفر ويلعن بعضهم بعضاً،
وترى طوائف منهم تسفك دماء الآخرين، وتستحل منهم أنفسهم وحرمهم وأموالهم، ما هو أعظم
مما يرصدهم به أهل دار الحرب -يعني الكافرين-
من المنابذين لهم، فالآفات التي جنتها ويجنيها كل وقت أصحابها على الملة والأمة من
التأويلات الفاسدة أكثر من أن تحصى، أو يبلغها وصف واصف، أو يحيط بها ذكر ذاكر، ولكنها
في جملة القول أصل كل فساد وفتنة، وأساس كل ضلال وبدعة، والمولدة لكل اختلاف وفرقة،
والناتجة أسباب كل تباين وعداوة وبغضة، ومن عظيم آفاتها ومصيبة الأمة بها: أن الأهواء
المضلة والآراء المهلكة التي تتولد من قبلها لا تزال تنمو وتتزايد على ممر الأيام وتعاقب
الأزمنة، وليست الحال في الضلالات التي حدثت من قبل أصول الأديان الفاسدة -يعني
كاليهودية والنصرانية-كذلك فإن فساد تلك معلوم عند الأمة، وأصحابها لا يطمعون في إدخالها
في دين الإسلام، فلا تطمع أهل الملة اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ولا الثانوية
ونحوهم أن يدخلوا أصول مللهم في الإسلام، ولا يدعوا مسلما إليه ولا يدخلوه إليهم من
بابه أبداً، بخلاف فرقة التأويل -يعني أهل البدع- فإنهم يدعون المسلم من باب القرآن
والسنة وتعظيمهما، وأن لنصوصهما تأويلاً لا يوجد إلا عند خواص أهل العلم والتحقيق،
وأن العامة في عمى عنه، فضرر هذه الفرقة على الإسلام وأهله أعظم من ضرر أعدائه المنابذين
له، ومثلهم ومثل أولئك كمثل قوم في حصن، حاربهم عدو لهم فلم يطمع في فتح حصنهم والدخول
عليهم، فعمد جماعة من أهل الحصن ففتحوه له وسلطوه على الدخول إليه، فكان مصاب أهل الحصن
من قبلهم». [الصواعق المرسلة (1/350)].
.◘ السر في
خطورتهم !
يقول الشاطبي – رحمه الله - : «والسر
في خطورتهم يلبسون لباس الإسلام؛ فيسهل عليهم اصطياد المسلمين، ومخادعتهم،
وإيقاعهم في هوة البدع، وتقليب الأمور والحقائق عليهم؛ بجعل الحق باطلا، والباطل
حقا، والبدع سنة، والسنة بدعة.
وقد يتسببون في إدخال أناس في الكفر والنفاق والزندقة، كما هو
واقع كثير من أصناف المبتدعة، لا سيما الروافض وغلاة الصوفية. بخلاف الكفار؛ فإن
نفوس المسلمين تنفر منهم، ولا تنخدع بحيلهم ودعاياتهم».
[وهذا
يفسر لك سر انشغال علماء السنة بالرد على أهل البدع، وعدم انشغالهم بالرد على
العلمانيين وأهل الملل الكافرة].
وقال ابن تيمية: «فالبدع تكون في أولها شبرا ثم تكثر في
الإتباع حتى تصير أذرعا و أميالا و فراسخ». [«مجموع
الفتاوى» (8/ 425)]
وقال: «والبدعة لا تكون حقا محضا؛ إذ لو كانت كذلك لكانت مشروعة
ولا تكون مصلحتها راجحة على مفسدتها؛ إذ لو كانت كذلك لكانت مشروعة ولا تكون باطلا
محضا لا حق فيه؛ إذ لو كانت كذلك لما اشتبهت على أحد وإنما يكون فيها بعض الحق وبعض
الباطل. وكذلك دين المشركين وأهل الكتاب فإنه لا يكون كل ما يخبرون به كذبا وكل ما
يأمرون به فسادا؛ بل لا بد أن يكون في خبرهم صدق وفي أمرهم نوع من المصلحة ومع هذا
فهم كفار بما تركوه من الحق وأتوه من الباطل». [الفتاوى ( 27 / 172 )]
وقال شيخ الإسلام : «فعلمت أن فعل هذه البدع تناقض الاعتقادات
الواجبة وتنازع الرسل ما جاءوا به عن الله وأنها تورث القلب نفاقا ولو كان نفاقا
خفيفا ومثلها مثل أقوام كانوا يعظمون أبا جهل أو عبد الله بن أبي بن سلول لرياسته
وماله ونسبه وإحسانه إليهم وسلطانه عليهم فإذا ذمه الرسول أو بين نقصه أو أمر
بإهانته أو قتله فمن لم يخلص إيمانه وإلا يبقى في قلبه منازعة بين طاعة الرسول
التابعة لاعتقاده الصحيح وإتباع ما في نفسه من الحال التابع لتلك الظنون الكاذبة فمن
تدبر هذا علم يقينا ما في حشو البدع من السموم المضعفة للإيمان ولهذا قيل إن البدع
مشتقة من الكفر». [اقتضاء الصراط المستقيم :289]
«وقد
سأل رجل مالك بن أنس عن الإحرام قبل الميقات فقال: أخاف عليك الفتنة، فقال له
السائل: أي فتنة في ذلك؟ وإنما زيادة أميال في طاعة الله عز وجل. قال: وأي
فتنة أعظم من أن تظن في نفسك أنك خصصت بفضل لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم».
[«مجموع الفتاوى» (22/
223)]
«وَعَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ؛ قَالَ: " أَهْلُ
هَذِهِ الْأَهْوَاءِ آفَةُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، إِنَّهُمْ
يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلَ بَيْتِهِ، فَيَتَصَيَّدُونَ
بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَسَنِ عِنْدَ الْجُهَّالِ مِنَ النَّاسِ، فَيَقْذِفُونَ
بِهِمْ فِي الْمَهَالِكِ، فَمَا أَشْبَهَهُمْ بِمَنْ يَسْقِي الصَّبْرَ بِاسْمِ
الْعَسَلِ، وَمَنْ يَسْقِي السُّمَّ الْقَاتِلَ بِاسْمِ التِّرْيَاقِ،
فَأَبْصِرْهُمْ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنْ أَصْبَحْتَ فِي بَحْرِ الْمَاءِ،
فَقَدْ أَصْبَحْتَ فِي بَحْرِ الْأَهْوَاءِ الَّذِي هُوَ أَعْمَقُ غَوْرًا،
وَأَشَدُّ اضْطِرَابًا، وَأَكْثَرُ صَوَاعِقَ، وَأَبْعَدُ مَذْهَبًا مِنَ
الْبَحْرِ وَمَا فِيهِ، فَتِلْكَ مَطِيَّتُكَ الَّتِي تَقْطَعُ بِهَا سَفَرَ
الضَّلَالِ، اتِّبَاعُ السُّنَّةِ.
وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: " اعْلَمْ أَيْ أَخِي
أَنَّ الْمَوْتَ كَرَامَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ عَلَى السُّنَّةِ،
فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو
وَحْشَتَنَا، وَذَهَابَ الْإِخْوَانِ، وَقِلَّةَ الْأَعْوَانِ، وَظُهُورَ
الْبِدَعِ. وَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو عَظِيمَ مَا حَلَّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ
ذَهَابِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَظُهُورِ الْبِدَعِ». [الاعتصام
للشاطبي: (1/ 115)]
۞ اقرأ أيضاً:
` |
|
|
` |
شيخ الإسلام ابن
تيمية |
|
` |
الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب |
|
` |
الإمام ابن قيم الجوزية |
|
` |
الإمام الشاطبي |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق