معنى : لا إله إلا الله
لشيخ الإسلام الإمام المجدد / محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
اعلم رحمك الله أنّ هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون.
وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإنّ المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدّرك الأسفل من النار، مع كونهم يُصلون ويتصدقون، ولكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها وبغض ما خالفها ومعاداته، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « من قال لا إله إلاّ الله مخلصا » ، وفي رواية « خالصا من قلبه » ، وفي رواية « صادقا من قلبه » وفي حديث آخر: « من قال لا إله إلاّ الله وكفر بما يُعبد من دون الله » ، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة، فاعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات نفي الإلهية عمّا سوى الله تعالى من المخلوقات، حتى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وجبرائيل فضلا عن غيرهم من الأولياء والصالحين.
إذا فهمت ذلك فتأمل هذه الألوهية التي أثبتها الله لنفسه، ونفاها عن محمد صلى الله عليه وسلم وجبرائيل وغيرهما، أن يكون لهم مثقال حبة من خردل، فاعلم أنّ هذه الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر والولاية، والإله معناه الولي الذي فيه السرّ، وهو الذي يسمونه الفقير والشيخ، وتسميه العامة السيد وأشباه هذا، وذلك أنهم يظنون أنّ الله جعل لخواص الخلق منزلة، يرضى أنّ الإنسان يلتجئ إليهم ويرجوهم ويستغيث بهم ويجعلهم واسطة بينه وبين الله، فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم وهم الذين يسميهم الأولون (الآلهة)، والواسطة هو الإله، فقول الرجل لا إله إلاّ الله، إبطال الوسائط.
فإذا أردت أن تعرف هذا معرفة تامة، فذلك بأمرين:
الأول: أن تعرف أنّ الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقتلهم ونهب أموالهم، واستحلّ نساءهم، كانوا مقرين لله سبحانه، بتوحيد الربوبية، وهو أنه لا يخلق، ولا يرزق، ولا يحيي، ولا يميت، ولا يدبّر الأمور إلاّ الله وحده، كما قال الله تعالى: { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ } .
وهذه مسألة عظيمة مهمة، وهي أن تعرف أنّ الكفار شاهدون بهذا كله ومقرّون به ومع ذلك لم يدخلهم ذلك في الإسلام ولم يحرم دماءهم ولا أموالهم، وكانوا أيضا يتصدّقون ويحجون ويعتمرون ويتعبّدون ويتركون أشياء من المحرمات خوفا من الله عزّ وجل، ولكن الأمر الثاني هو الذي كفّرهم وأحلّ دماءهم وأموالهم، وهو أنهم لم يشهدوا لله بتوحيد الألوهية، وهو أنه لا يُدعى ولا يُرجى إلاّ الله وحده لا شريك له ولا يُستغاث بغيره ولا يُذبح لغيره ولا يُنذر لغيره، لا لملَك مقرّب ولا نبي مرسل، فمن استغاث بغيره فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه ذلك.
وتمام هذا، أن تعرف أنّ المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وعُزير وغيرهم من الأولياء، فكفروا بهذا مع إقرارهم بأنّ الله هو الخالق الرازق المدبّر، وإذا عرفت هذا عرفت معنى لا إله إلاّ الله، وعرفت أن من نخا نبيا أو ملكا أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام، وهذا هو الكفر الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فإن قال قائل من المشركين نحن نعرف أنّ الله هو الخالق الرازق المدبّر، يمكّن هؤلاء الصالحين أن يكونوا مقرّبين ونحن ندعوهم وننذر لهم وندخل عليهم ونستغيث بهم ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة، وإلاّ نحن نفهم أنّ الله هو الخالق المدبّر.
فقل: كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله فإنّهم يدعون عيسى وعزيرا والملائكة والأولياء يريدون ذلك، كما قال تعالى: { والذين اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } .
وقال تعالى: { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } .
فإذا تأمّلت هذا تأملا جيدًا، عرفت أنّ الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية، وهو تفرّد بالخلق والرزق والتدبير، وهم ينخون عيسى والملائكة والأولياء يقصدون أنهم يقرّبونهم إلى الله ويشفعون عنده.
وعرفت أنّ من الكفار خصوصا النصارى منهم، من يعبد الله الليل والنهار، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها، معتزل في صومعة عن الناس، ومع هذا: كافر عدو لله.. مخلّد في النار، بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء، يدعوه أو يذبح له أو ينذر له، تبيّن لك كيف صفة الإسلام، الذي دعا إليه نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، وتبين لك أن كثيرا من الناس عنه بمعزل، وتبين لك معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبا كما بدأ. » فالله الله يا إخواني تمسّكوا بأصل دينكم، وأوله وآخره وأسّه ورأسه: شهادة أن لا إله إلاّ الله.. واعرفوا معناها، وأحبّوها وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت وعادوهم وأبغضوهم، وأبغضوا من أحبّهم أو جادل عنهم أو لم يكفّرهم أو قال ما علي منهم أو قال ما كلّفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، فقد كلّفه الله بهم وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانهم وأولادهم... فالله الله، تمسّكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئا، اللهم توفّنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين.
ولنختم الكلام بآية ذكرها الله في كتابه، تبيّن لك أن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفرًا من الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا } .
فقد سمعتم أنّ الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسّهم الضرّ تركوا السادة والمشائخ ولم يستغيثوا بهم بل أخلصوا لله وحده لا شريك له واستغاثوا به وحده، فإن جاء الرخاء أشركوا، وأنت ترى المشركين من أهل زماننا ولعل بعضهم يدّعي أنه من أهل العلم وفيه زهد واجتهاد وعبادة، إذا مسّه الضرّ قد يستغيث بغير الله مثل معروف أو عبد القادر الجيلاني ، وأجلّ من هؤلاء مثل زيد بن الخطاب والزبير ، وأجل من هؤلاء مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله المستعان... وأعظم من ذلك وزرا أنّهم يستغيثون بالطواغيت والكفرة والمردة ، مثل شمسان وإدريس ويونس وأمثالهم والله سبحانه أعلم.
الحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين.
من الدرر السنية (2/116)
بسصم الله الرحمن الرحيم
ردحذفالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
جزاك الله خيرا وبارك به
لكن اسمح لي ان أنبهك على أمر وهو أن هذه المواضيع يقرؤها الكافر والمسلم ، خاصة وأن الذي دلني على الموضوع هو الاعلانات بجوجل، فبارك الله بك على هذه الهمة لتوعية المسلمين
وماجعلني أذكر هذه النقطة هو انه خلال الموضوع ذكرت أن الكافرين قد استباح الاسلام دماءهم ونساءهم ونهب أموالهم، ولكنك لم تبين وجهة نظر الاسلام جيدا بهذا الأمر، فقد يظن الظانّ أن الاسلام يدعو إلى ذلك من غير قواعد او شروط ، وهذا الذي يروج له الحاقدين على الاسلام هذه الأيام، وانت بمقالك هذا تؤكد على هذا المعنى ، فأرجو منك أن توضح جيدا من هم الكافرون الذين يستبيحهم الاسلام، فهذه نقطة هامة جدا، لأنه لا سمح الله قد يقرأ كافر هذا المقال فيصر على كفره ويحقد على الاسلام، ثم مهما يسمع من الواعظين له لا يقتنع لأنه سيظن أنه مجرد خداع منهم ، والله أعلم.
ولي سؤال لو سمحت وهو عن كيفية عمل الاعلانات بجوجل، فأنا أود عمل موقع لدعوة الكافرين على اختلافهم للاسلام، وأود أن أضع له إعلان بجوجل، فهل من الممكن ان توضح لي الخطوات، وأشكرك على رحابة صدرك
lpfmhggi-kfdi@windowslive.com
الحمد لله ، تعقيبا على التعليق فإن من تأمل جرم من لم يقر يتوحيد الألوهيةوكان منصفا مهما كانت ديانته لأقر بإستحقاق العقوبة المترتبة على ذلك . مع كون لفظة (نهب أموالهم ) في النفس منها شئ . والله أجل وأعلم.
ردحذفAssalam alaikom
ردحذفFirst, Jazak Allah khair for writing in this subject, but I agree with the brother who wrote before me, The Christians and the Jews were there in Al-Madina at the time of Prophet Muhamad (PBUH) and they had the freedom of practicing their religion, even though the prophet (PBUH) knew that there books were changed and he knew that the Jews killed many prophets etc...etc.. maybe you need to be clearer in your writing, you just left lots of holes and lots of room for misunderstanding.
Salam
الحمد لله
ردحذفبالنسبة للإشكال الوارد حول قتال الكفار وأن ذكره قد يسبب تنفيراً عن الإسلام وسماحته فأقول:
في هذا العصر ولكثرة أهل الباطل وانتشارهم حصل لمفهوم الجهاد الإسلامي تحريف وتشويه وذلك سببه الجهل وعدم الرجوع إلى أهل العلم وفهم الإسلام فهم جزئي والجهل بالأجزاء الأخرى أو تغييبها.
وسأذكر في هذه العجالة بعضاً من الضوابط والشروط التي وضعها أهل العلم في باب الجهاد:
أولاً شرع الجهاد لثلاثة أمور :
الأول : إعلاء كلمة الله وأن يكون الدين كله لله، وليس سفكاً لدماء الكفار وأخذ أموالهم
قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:193]
الثاني : ردّ العدوان وحفظ الإسلام :
قال الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[البقرة:194].
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره : "ليس المقصود به سفك دماء الكفار وأخذ أموالهم ، ولكن المقصود به أن يكون الدين لله تعالى فيظهر دين الله تعالى ، على سائر الأديان ، ويدفع كل ما يعارضه من الشرك وغيره ، وهو المراد بالفتنة ، فإذا حصل هذا المقصود فلا قتل ولا قتال"أ.هـ.
الثالث : نصرة المظلومين من أهل الإسلام :
قال تعالى:{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء:75]
ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله وذكر الآية : "فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتال والذب عن عيلاتكم وأولادكم ومحارمكم ، لا من باب الجهاد الذي هو الطمع في الكفار ، فإنه وإن كان فيه فضل عظيم ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم ، فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجراً وأكبر فائدة بحيث يكون من باب دفع الأعداء"أ.هـ.
ثانياً:
وأجمع العلماء ذوو النظر الصحيح أن إزهاق الأنفس بغير حق مخالف للشريعة الإسلامية، وأن الاعتداء على الأنفس المعصومة مخالف للشريعة الإسلامية، بل هو مخالف لكل الشرائع التي جاءت من عند الله عز وجل، فقد منع الإسلام أشد المنع قتل بعض الكفرة وجعل قتلهم من أعظم الذنوب والخطايا وهم في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام:
الأول : الذمي الذي أقام بدار الإسلام إقامة دائمة بأمان مؤبّد يجري عليه حكم الإسلام.
الثاني : المعاهد المقيم بداره وبينه وبين أهل الإسلام عهد فلا يجري عليه أحكام الإسلام.
الثالث : المستأمن : وهو الكافر الحربي الذي يدخل دار الإسلام بغير استيطان بأمانٍ مؤقت. بل حتى في الحرب لو فهم الكافر الأمان حرم دمه ، ولذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة وخالد رضي الله عنهما قتل المتعوذين في الحرب ،
قال شيخ الإسلام (الصارم المسلول:1/408) : "الحربي إذا قُلتَ له أو عَمِلتَ معه ما يعتقد أنه أمانٌ صار له أمانٌ"أ.هـ.
فهولاء الكفار يحرم الاعتداء عليهم لتقدم الأمان لهم من المسلمين أو بعضهم لهم ،
قال الشوكاني (نيل الأوطار:7/155) : "المعاهد : هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان ، فيحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه ، ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}.
وقد روى البخاري عَنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا".
قال ابن حجر(فتح الباري:12/259) : "والمراد به من لـه عهد مع المسلمين ، سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان ، أو أمان من مسلم"أ.هـ.
وصحح الحاكم وابن حبان قوله صلى الله عليه وسلم :"أيُّمَا رَجُلٍ أمَّنَ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ ثَمَّ قَتَلَهُ , فَأَنَا مِن القاتِلِ بَرِيءٌ , وَإنْ كَانَ المَقْتُولُ كَافِراً".
وقال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}
وروى البخاري قال صلى الله عليه وسلم : "لن يزال المؤمن في فُسْحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً"
يتبع ..
شكرا شكرا
حذفومما جاءت به الشريعة الإسلامية كذلك جواز عقد الصلح والهدنة مع الكفار:
ردحذففقد أباح الإسلام معاهدة الكفار إذا كان في ذلك جلب مصلحة أو دفع ضرر عنهم خصوصاً عند الضعف ، وأوجب حفظ العهد الذي بيننا وبينهم،
قال ابن كثير(التفسير:2/322) : "فأما إذا كان العدوّ كثيفاً فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت الآية الكريمة: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}.
وروى أبو داود في باب ((صلح العدو)) عَنْ ذِي مِخْبَرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : "سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا"
ويقول ابن القيم(زاد المعاد:3/304): "يجوز ابتداء الإمام بطلب صلح العدو إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه ، ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداء الطلب منهم"أ.هـ.
وقال ابن قدامة (المغني:10/509) : "ومعنى الهدنة أن يعقد لأهل الحرب عقداً على ترك القتال مدة بعوضٍ وبغيرِ عوضٍ ، وتسمى مهادنة وموادعة معاهدة ، وذلك جائز بدليل قول الله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال سبحانه {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} ..
وأذكر هنا مقارنة موجزة بين أعمال الشباب المفتونين وأعمال الدُعاة المصلحين (ذكرها الشيخ الوالد عبد المحسن العباد البدر في كتابه: " بذل النصح والتذكير لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير" قال فيها:
ردحذف1 ـ الشباب المفتونون يقتلون الكافر على كفره، فيُسرعون به إلى النار، ويُخرجونه من ظلام إلى ظلام وعذاب دائم، والدعاة المصلحون يَعملون على إخراج الكافر من الظلمات إلى النور، فيظفر بسعادة الدنيا والآخرة.
2 ـ الشباب المفتونون في قتلهم الكافر يصل إلى أهله في تابوت، فيمتلئون حقداً على الإسلام والمسلمين، وينسبون إلى الإسلام ما هو براء منه بسبب عمل هؤلاء المفتونين، والدعاة المصلحون بدعوتهم غيرهم إلى الإسلام يرجع الإنسان إلى أهله مسلماً قد أصبح من أهل الإسلام، فيدعو أهله وغيرَهم إلى الإسلام.
3 ـ الشباب المفتونون عرَّضوا أنفسهم للعقوبة الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: (( مَن قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحَها توجد من مسيرة أربعين عاماً )) رواه البخاري (3166) من حديث عبد الله بن عمرو ، والدعاة المصلحون يرجون بدعوتهم مضاعفة الأجور الموعود بها في قوله صلى الله عليه وسلم: (( مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )) رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة .
4 ـ الشباب المفتونون أهلوهم وذووهم في همٍّ وغمٍّ وحزن وأسى لحال أبنائهم السيِّئة، والدعاة المصلحون أهلوهم وذووهم في فرح وسرور وغِبطة وبهجة لحال أبنائهم الحسنة.
5 ـ الشباب المفتونون بأفعالهم القبيحة يَصدُّون عن الدخول في الإسلام ويُسيئون إلى سمعة الدِّين الحنيف، والدعاة المصلحون بأعمالهم الحسنة وترغيبهم في الإسلام يسعون لإخراج الكفَّار من الظلمات إلى النور.
6 ـ الشباب المفتونون لم يُوفَّقوا لجهاد أنفسهم، فأساؤوا إليها وإلى غيرهم، بأن وقعوا في إفسادٍ سمَّوه جهاداً، والدعاة المصلحون وُفِّقوا لجهاد أنفسهم، فسعوا إلى جهاد غيرهم بدعوته إلى الإسلام.
7 ـ الشباب المفتونون بأعمالهم الشنيعة مفاتيح شرٍّ مغاليق خير، والدعاة المصلحون بأعمالهم الحسنة مفاتيح خير مغاليق شرٍّ، وفي سنن ابن ماجه (237) عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرِّ، وإنَّ من الناس مفاتيح للشرِّ مغاليق للخير، فطوبى لِمَن جعل اللهُ مفاتيح الخير على يديه، وويل لِمَن جعل الله مفاتيح الشرِّ على يديه ))، وانظر: السلسلة الصحيحة (1332) للألباني.
8 ـ الشباب المفتونون من أهل الوعيد في قوله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } ، والدعاة المصلحون من أهل الوعد في قوله: { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ } .
9 ـ الشباب المفتونون لهم نصيب مِمَّا جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: (( ... ومَن خرج على أمَّتي يضرب برَّها وفاجرَها، ولا يتحاش من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس منِّي ولست منه )) رواه مسلم (1848) عن أبي هريرة ، والدعاة المصلحون لهم نصيب مِمَّا جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:
(( ثلاث خصال لا يغلُّ عليهنَّ قلب مسلم أبداً: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإنَّ دعوتهم تُحيط من ورائهم )) رواه أحمد (21590) بإسناد صحيح من حديث زيد بن ثابت .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فقد سمعتم أنّ الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسّهم الضرّ تركوا السادة والمشائخ ولم يستغيثوا بهم بل أخلصوا لله وحده لا شريك له واستغاثوا به وحده، فإن جاء الرخاء أشركوا، وأنت ترى المشركين من أهل زماننا ولعل بعضهم يدّعي أنه من أهل العلم وفيه زهد واجتهاد وعبادة، إذا مسّه الضرّ قد يستغيث بغير الله مثل معروف أو عبد القادر الجيلاني ، وأجلّ من هؤلاء مثل زيد بن الخطاب والزبير ، وأجل من هؤلاء مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله المستعان... وأعظم من ذلك وزرا أنّهم يستغيثون بالطواغيت والكفرة والمردة ، مثل شمسان وإدريس ويونس وأمثالهم والله سبحانه أعلم.
ردحذفبارك الله فيك اخي
ردحذفوجزاك الله الخير
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
ردحذفجزى الله خيراًكل من قام على على هذا العمل أو نشره.
ردحذفjazaka llaho akhi 3ala hada al3amal alldi ohiso bih khalissan lillah narjou mina llah al2ikhlass
ردحذفsalamo alikom arjou min ikhwani ado3a2 liya bitabat wachifa2 walakom aljana incha allah okhtokom fillah
ردحذف