أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ، وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعطي شكر ، وإذا ابتُلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.

داء الكَلَب .. داء الأهواء الردية

داء الكَلَب .. داء الأهواء الردية

للإمام الشاطبي

عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرُقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، يَعْنِي الأَهْوَاءَ، وَكُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ«،
وَقَالَ »إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَتَجَارَى بِهِمُ الأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ، فَلا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إِلا دَخَلَهُ.«

ترك إنكار المنكر إرضاءً للناس

ترك إنكار المنكر إرضاءً للناس

العلامة الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله (ت: 1301)

قال الشيخ حمد بن عتيق، رحمه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

من حمد بن عتيق: إلى من بلغه من المسلمين، ألزمهم الله شرائع الدين، وجنبهم طريق الكفار والمنافقين آمين؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد، فالموجب للخط هو النصيحة لكم، والمعذرة من الله في إبلاغكم، فإن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية: 159]، وقال تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة المائدة آية: 78-79].

وقد سمعتم فيما يتلى عليكم من حلول العقوبات، عند ظهور المنكرات، ولكن قد فتح الشيطان لكثير من الناس أبواباً من الشر، في إسقاط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألقاها على أناس فيهم شبهة دين، حتى اعتقدوها أعذاراً لهم، وإنما هي من زخارف الشياطين ولكن إذا تبين أن الزاني والسارق وشارب الخمر، أحسن حالاً عند الله من هؤلاء الجنس، فهذا كاف في شناعة مذهبهم وسوء منقلبهم، فنسأل الله العفو والعافية.

إذا دخلت على مسئول فلا تنافق !

إذا دخلت على مسئول فلا تنافق !

للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن ناسا قالوا له : إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم؟

قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نعد هذا نفاقاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.

قال العلامة ابن عثيمين رحمه :

وذلك لأنهم حدثوا فكذبوا وخانوا ما نصحوا، فالواجب على من دخل على السلاطين من الأمراء والوزراء والرؤساء والملوك الواجب عليه أن يتكلم بالأمر على حقيقته يبين لهم الواقع سواء كان الناس على استقامة أو على اعوجاج أو على حق أو على باطل، ولا يجوز للإنسان أي إنسان أن يدخل على الأمير أو على الملك أو ما أشبه ذلك ثم يقول:

وجوب عداوة أهل البدع والبراءة منهم

وجوب عداوة أهل البدع والبراءة منهم

للإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

قال رحمه الله:

لنذكر من كلام الله تعالى، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام أئمة العلم جُمَلا في جهاد القلب واللسان، ومعاداة أعداء الله، ومولاة أوليائه، وأنَّ الدَّينَ لا يصح، ولا يدخل الإنسان فيه إلا بذلك فنقول :

 

السنة التي أجتمع أهل البدع على تركها

السنة التي أجتمع أهل البدع على تركها

وهي أصلٌ عقدي فرقٌ بين السلفي والحزبي

 

 تجد في هذه التدوينة:

-       السنة التي أجمع أهل السنة عليها، واجتمع أهل البدع على تركها

-       تطبيق عملي لإمام أهل السنة والجماعة لهذه السنة

-       استقراء لحال أئمة السلف مع ولاة أهل الإسلام

-       ذكر الآثار على اجتماع أهل البدع في السيف على أهل القبلة

ما استقر عليه أهل السنة في حكم الخروج


ما استقر عليه أهل السنة في حكم الخروج
لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان، كما قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [سورة التغابن: 16] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، ويعلمون أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه.

إلى الذين يزكون أنفسهم


إلى الذين يزكون أنفسهم
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله
نذكر هاهنا نكتة نافعة. وهى: أن الإنسان قد يسمع ويرى ما يصيب كثيرا من أهل الإيمان في الدنيا من المصائب، وما ينال كثيرا من الكفار والفجار والظلمة في الدنيا من الرياسة والمال، وغير ذلك، فيعتقد أن النعيم في الدنيا لا يكون إلا للكفار والفجار، وأن المؤمنين حظهم من النعيم في الدنيا قليل، وكذلك قد يعتقد أن العزة والنصرة في الدنيا قد تستقر للكفار والمنافقين على المؤمنين. فإذا سمع في القرآن قوله تعالى: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]

الهوة الكبيرة : الاغترار بالكثرة والنفرة من الأقل


الهوة الكبيرة :
الاغترار بالكثرة والنفرة من الأقل
للإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب   أجزل الله له الأجر والثواب
روى ابن وضاح بإسناده عن حذيفة: أنه أخذ حصاة بيضاء، فوضعها في كفه، ثم قال: إن هذا الدين قد استضاء استضاءة هذه الحصاة. ثم أخذ كفاً من تراب، فجعل يذره على الحصاة حتى واراها، ثم قال: والذي نفسي بيده، ليجيئن أقوام يدفنون هذا الدين، كما دفنت هذه الحصاة.
قال: أخبرنا محمد بن سعيد، بإسناده عن أبي الدرداء قال: «لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم إليكم، ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه، إلا الصلاة»
قال الأوزاعي [ت:157]: فكيف لو كان اليوم؟
قال: عيسى - يعني: الراوي عن الأوزاعي-: فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان؟
وأخبرنا: محمد بن سليمان، بإسناده عن علي رضي الله عنه قال: " تعلموا العلم تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه سيأتي بعدكم زمان، ينكر الحق فيه تسعة أعشارهم".
أخبرنا يحيى بن يحيى، بإسناده عن أبي سهيل ابن مالك، عن أبيه، أنه قال: " ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس، إلا النداء بالصلاة ".

موقف المسلم من ظلم الأمراء واستئثارهم بالأموال ومنعهم الحقوق

موقف المسلم من ظلم الأمراء واستئثارهم بالأموال ومنعهم الحقوق

دَعوا كُلَّ قَولٍ عِنْـدَ قَوْلِ مُحَمَّـدٍ

مـا آمِـنٌ في دِيـــنِــهِ كَـمُـخــاطِـرِ

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[ سورة النساء 59]

قال الإمام النووي في شرح مسلم:

الْمُرَادُ بِأُولِي الْأَمْرِ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْأُمَرَاءِ هَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.

(1) عَنِ ابْنِ عُمَرَ : عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: « عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ » . رواه مسلم

قال حرب في "العقيدة" التي نقلها عن جميع السلف: " وإن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فيس لك أن تطيعه البتة، وليس لك أن تخرج عليه، ولا تمنعه حقة".

(2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي ». متفق عليه

(3) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :  « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ ». رواه البخاري

(4) عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إِنْسٍ ».

قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك، قال: « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ». أخرجه مسلم.

(5) وعن وائل بن حُجر - رضي الله عنه - : قال : سَألَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدٍ الجُعفيُّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يا نَبيَّ اللهِ، أرَأيتَ إنْ قَامَتْ علينا أُمرَاءُ يَسألُونَا حَقَّهم، ويَمنعونَا حَقَّنا، فما تَأْمُرنا ؟ فأعْرَضَ عنه، ثم سأله، فَأعرَضَ عَنْه، ثم سأله في الثانية - أو في الثَّالِثَةِ - فَجَذَبَهُ الأشعَثُ بنُ قَيسٍ، فقال رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- : « اسْمعوا وأطِيعُوا، فإنَّما عليهم مَا حُمِّلُوا، وعليكم ما حُمِّلْتُم ». رواه مسلم.

(6) وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- : قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « إِنَّها ستكُونُ بعدي أَثَرَةٌ، وَأُمُورٌ تُنكِرُونَها » قالوا: يا رسولَ الله، كيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ ذلك مِنّا؟ قال : « تُؤدُّونَ الحَقَّ الذي عليكم، وتَسألُونَ اللهَ الذي لكم »متفقٌ عليه.

 

(7) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- : قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « عَلَيْكَ السمعُ والطاعَةُ في عُسْرِكَ ويُسْرِكَ، ومَنْشَطِكَ وَمَكرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عليك ». أخرجه مسلم.

الأثرة والاستئثار : الانفراد بالشيء دون الآخرين

أي أنه يستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاءوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها. والواجب على المسلمين في ذلك السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم واسألوا الحق الذي لكم من الله. [شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/127].

(8) وعن عوف بن مالك الأشجعي، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ألا من ولي عليه والٍ، فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يداً من طاعة ». رواه مسلم

(9) وعن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه - عن النبي –صلى الله عليه وسلم - قال: « اسمع وأطع، في عُسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةٍ عليك، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك »رواه الإمام أحمد في المسند وابن حبان في صحيحه وابن أبي عاصم في السنة والديلمي في مسنده وسنده صحيح، وأصله في البخاري ومسلم.

(10) وعن عدي ابن حاتم –رضي الله عنه-، قال: قلنا: يا رسول الله! لا نسألك عن طاعة من أتقي، ولكن من فعل وفعل – فذكر الشر–، فقال« اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا »أخرجه ابن أبي عاصم في السنة وقال الألباني: حديث صحيح.

(11) وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: أتاني نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم في مسجد المدينة فضربني برجله فقال: « أَلا أَرَاكَ نَائِمًا فِيهِ » قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ غَلَبَتْنِي عَيْنِي، قَالَ: « كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ » قَالَ: آتِي الشَّامَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الْمُبَارَكَةَ، قَالَ: « كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ » قَالَ: مَا أَصْنَعُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَضْرِبُ بِسَيْفِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبُ رُشْدًا تَسْمَعُ وَتُطِيعُ وَتَنْسَاقُ لَهُمْ حَيْثُ سَاقُوكَ »حديث صحيح رواه أحمد وابن أبي عاصم والدارمي وابن حبان وصححه الألباني في ظلال الجنة.

(12) وعن الحسن البصري أنه قال في الأمراء : « هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم – والله – لغبطة وأن فرقتهم لكفر »["آداب الحسن البصري" لابن الجوزي : (ص121 )، وينظر "جامع العلوم والحكم" لابن رجب : (2/117)، قوله : (( لكفر  )) يعني به : كفر دون كفر].

(13) وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- : أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « مَنْ كَرِهَ مِنْ أمِيرِهِ شَيْئا فَلْيَصبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِن السُّلطانِ شِبرا مَاتَ مِيتَة جَاهِليَّة ».

وفي رواية: « فَليَصبِرْ عليه، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبرا فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِليَّةٌ »أخرجه البخاري ، ومسلم .

قال ابن أبي جمرة : "المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكنى عنها بمقدار الشبر، لأن الأخذ في ذلك يؤول إلي سفك الدماء بغير حق".

(14) وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَاسْتَذَلَّ الإِمَارَةَ، لَقِىَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ »رواه أحمد والحاكم وصححه الذهبي.

(15) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- : قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « ثَلاثَةٌ لا يُكلِّمُهُمُ اللَّهُ يومَ القِيَامَةِ، ولا يُزَكِّيهم، ولهم عَذَابٌ أليم: رجلٌ بايعَ إمَاما فَإِن أعطَاهُ وَفَى لَهُ، وإن لم يُعْطِهِ لم يَفِ لَهُ »هذا لفظ الترمذي ، وهو طرف من حديث قد أخرجه البخاري، ومسلم عن أبي هريرة.

(16) وعن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر - رضي الله عنه - : « يا أبا أمية إني لا أدري لعلى لا ألقاك بعد عامي هذا، فإن أُمِّر عليك عبد حبشي مجدع، فاسمع له وأطع، وإن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن أراد أمراً ينقض دينك فقل: سمعاً وطاعة، ودمي دون ديني، ولا تفارق الجماعة »أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، والخلال في السنة وأبو عمرو الداني في الفتن  وابن أبي زمنين في أصول السنة بإسناد جيد

قال الإمام الآجري:

فإن قال قائل: إيش الذي يحتمل عندك قول عمر رضي الله عنه فيما قاله؟

قيل له: يحتمل والله أعلم أن نقول: من أُمر عليك من عربي أو غيره أسود أو أبيض أو عجمي فأطعه فيما ليس لله فيه معصية، وإن حرمك حقاً لك، أو ضربك ظلماً لك، أو انتهك عرضك، أو أخذ مالك، فلا يحملك ذلك على أن تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله، ولا تخرج مع خارجي يقاتله، ولا تحرض غيرك على الخروج عليه، ولكن اصبر عليه وقد يحتمل أن يدعوك إلى منقصة في دينك من غير هذه الجهة؛ يحتمل أن يأمرك بقتل من لا يستحق القتل، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك، أو بضرب من لا يحل ضربه، أو بأخذ مال من لا يستحق أن تأخذ ماله، أو بظلم من لا يحل له ولا لك ظلمه، فلا يسعك أن تطيعه، فإن قال لك: لئن لم تفعل ما آمرك به وإلا قتلتك أو ضربتك، فقل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل» ولقوله صلى الله عليه وسلم «إنما الطاعة في المعروف» [كتاب الشريعة للآجري (1/ 381)]

(17) وعن هلال بن أبي حميد، قال : سمعت عبد الله بن عكيم يقول: « لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان » فيقال له : يا أبا معبد أو أعنت على دمه ؟! فيقول: « أني أعد ذكر مساوية عوناً على دمه »أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والفسوي في المعرفة والتاريخ، بإسناد صحيح.

(18) وعن أبي الدرداء –رضي الله عنه– أنه قال: « إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه »أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وابن عبد البر في التمهيد.

(19) وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: « لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشّوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا ،فإن الأمر قريب »أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة بإسناد جيد.

(20) قال أبو الدرداء – رضي الله عنه- : « إياكم ولعن الولاة ، فإنَّ لعنهم الحالقة ، وبغضهم العاقرة » قيل: يا أبا الدرداء ، فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال: « اصبروا، فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت » رواه ابن أبي عاصم في السنة وسنده صحيح 

(21) وقال أبو إسحاق السبيعي –رحمَهُ اللهُ- : « ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره » رواه ابن عبد البر في التمهيد(21/287) وسنده صحيح.  

(22) وقال أبو إدريس الخولاني –رحمَهُ اللهُ- : « إياكم والطعن على الأئمة، فإنَّ الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إنَّ الطاعنين هم الخائبون وشرار الأشرار » رواه ابن زنجويه في الأموال وسنده حسن.

(23) عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع »، قالوا: يا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا»، أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه»رواه مسلم

(24) وعن عياض بن غنم –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلاَ يُبْدِ لَهُ عَلانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلاَّ كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ لَهُ ». حديث صحيح رواه الإمام أحمد وابن أبي عاصم والحاكم والبيهقي وصححه الألباني في "ظلال الجنة".

(25) وعن سعيد بن جمهان: قال أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصرة فسلمت عليه.

قال لي : من أنت ؟ فقلت : أنا سعيد بن جهمان.

قال : فما فعل والدك ؟ قال : قلت : قتلته الأزراقة.

قال : لعن الله الأزراقة، لعن الله الأزراقة، حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « أنهم كلاب النار ».

قال : قلت : فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم، قال : فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال :

ويحك يا ابن جمهان، عليك بالسواد الأعظم، عليك باسواد الأعظم إن كان السلطان يسمع منك، فائته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه ». قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والطبراني ،ورجال أحمد ثقات. وقد حسنه الشيخ الألباني في تخريج السنة.

قال في النهاية: " عليكم بالسواد الأعظم: أى جملة الناس، ومعظمهم الذين يجتمعون على طاعة السلطان وسلوك النهج القويم "

قال ابن قتيبة: اِنَّما السَّواد الأعظم جُمْلة الناس التي اجتمعت على طاعة السُّلطان وبَخَعَت بها بَرّاً كان أو فاجِراً ما أقام الصلاة كما قال أنس بن مالك وقال يزيد الرقاشي روى عثمان بن عبد الرحمن عن عكرمة بن عمّار عن يزيد بن أبان الرقاشي قال: قلت لأنس أين الجماعة؟ فقال: « أمرائكم». [غريب الحديث 39]

(كان العلماء يقولون: إذا استقامت لكم أمور السلطان، فأكثروا حمد الله – تعالي – وشكره.

وأن جاءكم منه ما تكرهون، وجهوه إلي ما تستوجبونه بذنوبكم وتستحقونه بآثامكم.

وأقيموا عذر السلطان، لانتشار الأمور عليه، وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة، واستئلاف الأعداء وإرضاء الأولياء، وقلة الناصح وكثرة التدليس والطمع ) [ "سراج الملوك" للطرطوشي ( ص 43 )]

 

 أخي المسلم احذر ثم احذر :

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا  إلى قوله تعالى:

﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . [النساء (61-65)]

 

-۞ أقرأ أيضاً ::

-